سأروي لكم حكاية مخملية مخطوطة بألوان مخفية
لا يراها إلا من وعاها ، تلك الحكاية التي لا يوجد لها بداية توجتها النهاية ،
خاتمة حزينة ، بغموض كغموض الاسطر البيضاء على الورقة البيضاء مزخرفة بنقش أبيض
بهي! .
كل ما يحيطها البياض ، وكل ما تروي لكم بياض
ببياض ، ولربما رمز البياض على النقاء ، او الطهر فكان مقدمة بهية لخاتمة بيضاء ،
اما اذا كان البياض يدلنا على الاستسلام فربما كان كاستسلام بياض حروفي في مواضعها
كاستسلام الجيش في ثكناته .
اما بياض الورد ، فيذكرني بالروز الأبيض الذي
خلط ببعض قليل من الاحمر ، فكلما كان البياض جميلا في مواضعه كان اجمل بين بياض
يديها ، تريك لمعة بياض عينيها ، تشع بنور شمس بياض اسنانها ، بياض فوق كل هذا
الجمال ، كجمال طفل في قماط ابيض يشع نورا .
وبالحديث عن الاطفال ، وعن صفاء طيورهم البيضاء
، لا تعرف معنا لشيء غير بياض اللبن الذي يشربونه ، وكأن نبع البياض هذا ينبع
الحياة في صدورهم ، يملؤها عاطفة وحنان ، يسعدهم في كل وقت كان ، واذا ما شعر ببعد
الأم بكى عله ينال قليلا من دفء حنانها .
اما البياض بالنسبة لي ، فقد يكون ورقتي
البيضاء ، أو روزتي الجميلة البيضاء ، أو قماط طفولتي كطفولة قلبي ، أو نبع حنان
مفقود ، فكل هذا يقودني إلى حياة افقدها ، او الى بياض لم اتحدث عنه ، فهو بياض
معطر باجمل العطور ، مزفوفا بزمزم ، وببعض من دمع مقل العيون ، ذاك البياض الذي
جسمي فوقه ينسدل ، هامدا كأن ما كان به لم يكن ، تحركه الأيد والذكريات وتواريه
ليعود معتما إلى السواد ، كسواد حروفي الآن فوق بياض قد كان .
اشتاقك
ردحذف