ما كان يدري هذا الملاك بعد حياته واعترافاته أن يد معجزة محييه كانت حياة أخرى أجازها الرب له ، فقضى هاربا من عالمه إلى عالم الأحلام الذي كان يعيش فيه ! عالم شفاف رقيق، عالم يملؤه البياض كبياض قلبه ليصحو على بياض دمع غرّق عيناه .
وكل دمعة من ملاك تأتي بملاك آخر ، فجلس ينظر أنواره التي بدأت تتشكل أمامه ، ويرى قلب أبيض يخفق بدم شابه البياض ، ورأى أولى نسمات أمتصها مولوده الذي ألبسه أسم ملائكي، ونادى بماء مقدس وتراتيل بركات الفاتحة لتطهيره! ثم أفاق!
ظن أنه لن يعود، وظن أن طول البعد سينسيه ما كان ، وكأن تناسي الجرح يشفيه ، أما يلهبه ويؤلمه بعد حين حتى يعيى الطب فيه ، ذاك الملاك خرج من طهره لطهر أكبر ليعود بعد موته حيا على يد يسوع مسح طهره بطرف الصليب ليؤمن به عله يطهره من خطيئته الأصلية ، (فسلطانة حبل بلا دنس تصلي لأجلنا ، الخطيئة الأصلية) وعاش موقننا بكلام الرب أن ( ومن آمن بي فسيحيا) وهل يحيي المخلوق مخلوقا ، وهل يحيي اله اله!
وهل يحيي النور الملاك ! بل هل يميت الملاك النور .
وتقول فلسفة الأسطورة أن حكما جائرا حال دون وصول المؤن إلى كوخ العراف الذي يقطن فوق دار القضاء التي هجرتها الروح بعد حكم جائر بإعدام مؤرخ رميا بالرصاص النحاسي ! وما بقي بهذه الدار من روح سوى خفقات قلب ! وانفاس عراف تعلوها فزاره يوما.
وسأل العراف عن سر خفقان قلب في ظلام محكمة مهجورة ، فاجاب بل ظلام حكم جائر من روح مؤرخ ملعونة ، ساق فيها حكايتي ، فأجاب العراف ما حكايتك ، فقال الم تدعي علم الكتاب وتكتسب معاشك طوال السنون... حكايتي كنور خلق من دمع ملاك ، وخفق حيا بعد أن أذن الرب له لينظر أحوال الناس ، أناس بقلوب كقلبي. ومن مثل قلبي ثمل بخمر الحياة ، بخبز مبارك بماء معمداني.! خط ذاك المؤرخ تفاصيل حكايتي وساقها إلى القاضي الذي أمر بلعن روحه وأبقائه في الظلام فكُنتُ المؤرخ يا أيها العراف ، فهل تراك تعيد فتح قضيتي يا سيدي القاضي . ولم تعود لظلام القاعات وظلم العباد أما أكتفيت تنجيما ، أما اكتفيت أحكاما! أما اكتفيت قتلا بي وتنكيلا! فنوريَ مشوهه وملاكي ضل طريقه واليسوع رفع إلى السماء وشفاعة النبي منظورة ليوم الحساب .
هل ضر هذا الكون نبض لقائنا .. أم أن هذا الحزن أدمن أضلعي قل للمسافات البعيدة بيننا .. أرجو بحق الله أن تتواضعي..
ردحذف